شبكة المسيرة الإعلامية، شبكة يمنية متنوعة تسعى لنشر الوعي وقيم الحق والعدالة بين مختلف شرائح المجتمعات العربية والإسلامية من منطلق الثقافة القرآنية، وتعطي الأولوية للقضية الفلسطينية، وتعمل على نصرة قضايا المستضعفين، ومواجهة تزييف وسائل إعلام قوى الاستكبار وكشف مؤامرتها بمصداقية ومهنية وبطرق إبداعية.
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 1/6/2003م
اليمن – صعدة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
[ومن ذلك ومثله، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وعلى أهله: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}(الإسراء88)] هذه الآية هي في نفسها تحدي, هو يقول الله لنبيه: أن يقول للآخرين الذين يجلسون يعارضونه, ويجلسون يدَّعون أنه افتراه, وأنه أساطير الأولين, وأشياء من هذه.. قل لهم: {لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} بكل قدراتهم, وفي أي زمن كانوا, الإنس والجن حق ذاك اليوم والآن, أليس الإنس حق الزمان هذا قد عندهم خبرات أكثر؟.
وموضوع أن القرآن معجز ليس الموضوع مرتبطاً بالنص اللغوي فقط, عندما يفهم واحد بأن معنى:{لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} في جانب الفصاحة مثلاً, الفصاحة! الموضوع أوسع من هذا بكثير, جانب بلاغته, وفي كونه بليغ.. الجانب البلاغي مرتبط بالمعنى.. أليست البلاغة مرتبطة بالمعنى؟ ليست مرتبطة بشكلية المفردة, أو بطول النص, أو بقصره. فالكلام يعتبر بليغاً في كونه يؤدي المعنى بشكل كامل, وبشكل جميل, وفي قالب جميل, ويعبر عن المعنى من جميع جوانبه, هذا يعتبر بليغاً عند العرب.
موضوع أن القرآن مثلاً معجز ليس فقط مرتبطًا بالنص من ناحية الفصاحة والبلاغة, بل في جوانب أخرى, هناك ناس آخرين ليسوا عرباً نهائياً, وترى عندهم خبرات أخرى, مثلاً عندهم خبرات اقتصادية, قانونية, تربوية, أشياء كثيرة من هذه, تنظير فيما يتعلق بوضع أنظمة. سيعرف أي إنسان لديه اهتمام في مجال من المجالات أن القرآن فوقه, وعندما يأتي واحد يضع مثلاً نظرية معينة يجد سلبيات فيها, يجد القرآن فوق هذا, يجد القرآن هو يقدم الطريقة على أحسن ما يمكن.
عندما يقولون: أنه قد كفى أنه أعجز أولئك, وهم سيقولون لنا بأنهم قد عجزوا, والآخرين سيعلمون بأنهم قد عجزوا.. هو معجز في أي زمان, الإنس والجن في أي زمان.
نجد مثلاً موضوع فصاحة وبلاغة, من الناحية الفنية, الجانب الفني فيه, فبالتأكيد لا نحن ولا المعاصرين من أمم أخرى يمتلكون القدرة الفنية في التعبير, أو في إدراك الجانب البلاغي, يكون عندهم قدرة على ماذا؟ قدرة في مجال البلاغة, أليس هذا معلوماً؟.
لا يوجد لدينا نحن قدرة العرب الأوائل في جانب البلاغة؛ ولكن الموضوع أوسع من هذا, قدمت القضية للناس لما فهموا أن الموضوع فقط مرتبط بالجانب الفني فيه, جانب البلاغة: أنه عجز أولئك الأولون, وعجزهم قد هو يكفينا, والأخبار بأنهم عجزوا قد هو يكفينا, ويكفي!. لكنه ما زال معجزاً للبشر جميعاً, الإنس والجن, لا يوجد حتى مسألة الفصحاء أو البلغاء, الإنس والجن.
وبلاغة القرآن الكريم, عندما تأتي تقرأ قصيدة شعرية, ألست ستراها جميلة؟ أليس هناك قصائد شعرية جميلة, لكن فيما تتناوله, في عمق الأشياء, في واقعيتها, في سعتها, هذا شيء ثاني يختص به القرآن.
السورة مثلاً قد يكون لها مثلاً موضوع رئيسي, فيها موضوع رئيسي, هذا الموضوع هو واقعي, قضايا حقائق واقعية. تجد السورة مثلاً تخدم هذا الموضوع من أولها إلى آخرها, وعندما تخدمه هي تشخِّص أي حالة نفسية عند الإنسان, أي تفكير لديه, أي تساؤلات لديه, فيكون فيها من البداية ما يزيح كل تساؤلات لديه فيتقبل الموضوع ويصبح الموضوع عنده مقبولاً.
لاحظ مثلأً سورة [فاطر] سورة فاطر من المواضيع الرئيسية فيها:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}(فاطر32) موضوع الاصطفاء على هذا النحو, تجد السورة من أولها إلى آخرها تخدم الموضوع بشكل رهيب, وبشكل عجيب, في كل ما يطلع من تساؤلات حول الموضوع.
فالقضية هي في الذهنية قضية تفاوت, أليست قضية تفاوت؟ يبدأ لك بالتفاوت من أول السورة إلى آخرها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}(فاطر1) أليس هذا أول شيء؟ وهكذا منْزَل, مَنْزل, تصل إلى عند: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ}(فاطر27).
تجد السورة تقدم لك أن هذه سنة إلهية, سنة إلهية, وأنه أحياناً المهام نفسها تتطلب تفاوت على هذا النحو, كما أن الملائكة هم رسل, ولديهم مهام متفاوتة, فالمهمة تفرض أن تكون على نحو معين, تكون لائقاً بأداء المهمة {رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} هناك ملائكة معهم من أربعة أجنحة, وملائكة معهم من ثلاثة, أو تقول ثلاثة وثلاثة, وهناك ملائكة معهم من اثنين أجنحة. أليس هذا نفسه تفاوت؟. وهكذا يمشي في الموضوع بشكل واضح.
نأتي إلى الموضوع في نفس السورة, أو المواضيع الرئيسية فيها, تجد السورة تخدم الموضوع من أولها إلى آخرها, تخدمه من أولها إلى آخرها. تطلع لك كلمة: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} بالنسبة لهذا الموضوع الرئيسي أن معناه هام جداً, يعني أن الله سبحانه وتعالى لا يأتي فقط يعمل مثلما يعمل الآخرون, أو أنه يساير تقاليد لدى البشر قائمة! لا, هو مبدع وفاطر, هو فاطر, هو مبدع للأشياء.
هو لا يقلد! رأى العرب يعملوا شيخ, وهو قال: سنعمل لنا شيخ! رآهم يعملوا بيت مَشِيْخ, فقال: ونحن سنصطفي بيت ونقول كذا… لا, هي مسألة من جهة نفسه, وهو عادة ليس مقلد, هو فاطر, فطر السماوات والأرض هذه بكلها, فهل سيقلدك في حاجة بسيطة من هذه؟! وهكذا… إلى آخر السورة.
ترجع للجوانب التربوية التي ما يزال البشر منظِّرين فيها, وباحثين في كيف المنهج الذي يطلع الإنسان بالشكل المطلوب, فلاسفة متفلسفين, ومنظرين منظرين, تربويين, علماء نفس, كلهم مطننين. هؤلاء نفوسهم, هؤلاء لو يأتوا يستعرضون, يستعرضون واقع الإنسان, وواقع الحياة, وما مرت به أعمالهم, ما مرت به نظرياتهم مثلاً من معوقات, وما رأوا من النتائج, ويرجع إلى القرآن, يجد القرآن يقدم القضية بشكل على أجمل وأفضل وأحسن.
هنا تلمس بأنه كلام فوق كل شيء, وكونه فوق يعني ليس من داخلنا, يعني ما حصل القرآن من عندنا, ليس من عند بشر, ولا من عند مخلوق على الإطلاق. لو هو من عند مخلوق من المخلوقين لا فتضح إلى الآن.
ولاحظ كيف يفتضح المفسر, المفسر للقرآن نفسه, الذي فسر لك قبل ألف سنة, تجد الآن بأن الكثير من تفسيراته ليست معقولة, ولاهي مقبولة. ناس في الأخير يقولون: لأن هذا المفسر كان في زمن لا يوجد عندهم إلا الفهم هذا, يأتي الواقع يأتي بأشياء يتجلى من خلاله ما يبرهن على أن المعنى الصحيح لهذه الآية مثلاً هو كذا, أو أن المفسر لم يأت إلا بواحد من معانيها, أو بجزء محدود من معنى واسع لها .. أليس هكذا يتجلى؟ يتجلى, يتجاوزنا القرآن, يتجاوز الناس!.
تفسر أنت في القرن الثالث, ما يأتي القرن الخامس إلا وقد أنت هناك وراء, تفسر في القرن الخامس ما يأتي القرن السادس أو السابع إلا وقد أنت هناك! تفاسير في تفاسيرك يتركها هناك وراء! وهو تجده يستوعب الحياة, يستوعب الحياة, كلما تأتي من أشياء هي تشهد له, كلما يأتي من أشياء هو شاهد عليها من قبل ما تأتي, من قبل أن تأتي هو عنده شهادة, وعنده ما يرشد إليها من قبل أن تأتي.
لا يستطيعون على الإطلاق, لو اجتمعت الإنس والجن في أي زمن, فصحاؤهم, منظروهم, تربويوهم, بلغاؤهم, عباقرتهم … الخ, ما يستطيعون أبداً أن يأتوا بمثل هذا القرآن.
إلا أنهم يجلسون في الأخير يتحدثون في هذا الموضوع, دائماً في موضوع أنه الجانب البلاغي, أي الجانب الفني فيه, الجانب الفني فيه, في الأخير يقولون: إذاً فقد أعجز أولئك, فكونه أعجزهم قد بلغنا خبرهم أنهم عجزوا ولو أنهم عملوا شيئاً لنقل؛ لتوفر الدواعي إلى نقله. إذاً ما هناك شيء, إذاً هم عجزوا. وتجلس, وكلما يقول لك واحد شيء عن القرآن تقول: [يا خبير أولئك قد عجزوا.. الخ].
تحدى به الآن, حتى جانب الفصاحة قل له: اعمل لك معهد, وتلك اللغة العربية أمامك, بقواعدها, بأساليبها, علِّمهم يكونون عرباً, علمهم يكونون كذا.. ويقوموا يشتغلوا. هل تستطيعون أن تأتوا بمثله؟ لن يستطيعوا. لاستطاعوا أن يعملوا هذه لو المسألة هكذا. أليست قضية قريبة؟ حتى في هذا الجانب أليسوا يعملون معاهد أبحاث في موضوع الدين, يعني فيما بين المسلمين من تراث ديني؟ ليس الدين نفسه, يجب أن تفهم أن الدين نفسه لا يمكن على الإطلاق أن يزيف, لكن فيما بين المسلمين أنفسهم من تراث ديني محسوب دين يقولون: هذه نشغلها وهم يكونون هم عارفين أن ما هي دين. في هذا الموضوع تعمل معاهد, وأبحاث وسنين طويلة.
لو أن القضية يعني مثلاً حتى في هذا, في جانب البلاغة أنه لو يعملون لهم معهد ويدرِّسوا أشخاص, ويعلمونهم اللغة العربية, ويقرؤون أدب اللغة هذه فيصبحوا بلغاء, ويقوموا يشتغلوا. قل لهم يعملوا معهد من هذا؛ لأنه خلِّيه يأخذ له عشر سنين, عشر سنين ممكن, عشرين سنة حتى, وطلعوا لك خمسة, ستة أشخاص بلغاء, ويقولون لهم يصلحوا مثل القرآن. أليسوا سيعملون هذه؟.
لكن لا يستطيعون, ولا يتوقف على هذا الجانب الفني أبداً؛ لأنه مما أظهر فيه, في كونه معجز, في كونه حكيم بشكل لا أحد يستطيع أن يأتي بمثله {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ}(النساء82) بلغاء أو غير بلغاء كيفما كانوا {لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}. هذه واحدة من مظاهر أنه فوق, فوق كل ما هو سوى الله, فوق المخلوقين جميعاً, {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}. إذاً فهذا هو جانب أعظم من الجانب الفني في النص, أليس أعظم منه؟.
طيب كونه محكم فيما يتناوله على الرغم من سعته, واسع جداً جداً, ومحكم, ولا تجد شيئاً منه إلا وهو يخدم الشيء الآخر, ما تجد تناقض: هذا يناقض هذا, يكون هذا يمشي في اتجاه, وهذا يمشي في اتجاه, وبعد مسافة ألف كيلو يتناقضون هناك, ويتعارضون. هذه لا تحصل, ما تحصل على الإطلاق, وهذا هو الجانب المهم, يعني الجانب المعجز.
لاحظ عندما يقوم من يشتغلون في الدين نفسه, مثلاً يلاحظ أن الجانب, جانب الترغيب والترهيب في القرآن جانب ـ مثلما نقول ـ من المواضيع التي ركز عليها.. فقام يشتغل ترغيب وترهيب, ألم يحصل هذا؟ اشتغلوا ترغيب وترهيب, وفي الأخير تلاحظ أن ما قدموه أن غايته هناك على بعد مسافة تقرب أو تبعد, يختلف مع القرآن على بعد مسافة يختلف مع بعضه بعض في نفس الكتاب حقه!. تقرأ كتاباً من هذه تجد أن كلامه هنا يؤدي إلى خلق حالة نفسية عند الإنسان تختلف عما يؤدي إليه كلامه في موضوع آخر, عندما يلتقي في نقطة معينة, يحصل اختلاف, يحصل تعارض, يحصل تباين!.
هذا هو من الجوانب المهمة فيه: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}(هود1) أحكمت ليس معناها أنها مشدودة, بصواميل, وأشياء من هذه.. حكيمة جداً جداً, تعطي معاني واسعة, ومعاني واقعية, وحقائق هامة مع الزمن, كلما مشى الزمن تجده ما يزال القرآن أكثر منه, ما يزال القرآن أكثر منه, وأكثر مما يتطلبه الزمن هذا! أكثر مما يتطلبه الزمن نفسه. هذه الآية نفسها هي أيضاً ترسم لنا منهجاً, ما تجد في القرآن آية إلا ولها علاقة بموضوع المنهجية, أي السلوك الذي تسلكه أنت وأنت تتحدث مع الآخرين, أو تدعوا الآخرين, أو تناظر. هنا يقول له: قل, يقدم القرآن سلاحاً. القرآن هو سلاح يحمي الرسول نفسه, هو سلاح يحمي نفسه, بحيث أنه يهزم الجانب الذي يتعلل, يدعي ادعاءات بأنه أساطير الأولين, وأنه مفترى, وأنه سحر, وأنه أشياء من هذه. هذا وسيلة من الوسائل: {قُلْ لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} يعني خلّ اما أنتم, أربعة, خمسة من المشركين من يأتون بعبارات من هذه.
أليس هذا تحدياً؟ أليس هو هذا يستخدم القرآن؟ يقدم القرآن؟ القرآن هو نفسه يكمم أفواهكم, ويلجمكم, وأنتم أعجز من أن تأتوا بشيء من مثله, ولو اجتمعت الجن والإنس كلهم لكانوا عاجزين عن أن يأتوا بشيء من مثله, ولو تعاونوا كلهم, {ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} في مؤتمر عالمي أنهم يقومون كلهم, يد واحدة, وموقف واحد, يعملون مثل القرآن, ما استطاعوا أبداً.
بـ{مثله} فما بالك بمعارض له.. يأتي بمثله, يعني في الاتجاه نفسه, مثلاً هو عنده رؤية صحيحة, أو عنده فكرة أنه يقدم رؤية صحيحة للبشر, يقدم منهجاً للبشر, ما بالك أن يأتي بشيء آخر فيبدوا هو الصحيح, ويضرب منهجية القرآن, فهذا أبعد, هذا أبعد. يعني مثلاً تقول: القرآن يقدم منهجاً للحياة, أليس منهجاً للحياة؟ طيب أنتم ترون أنفسكم مخلصين, مخلصين للبشرية, وتريدون أن تقدموا منهجاً للحياة, لا تستطيعون على الإطلاق أن تأتوا بمثله. أليست هذه درجة؟.
الدرجة الثانية: أنه أنتم تفندوا هذا. طيب أنتم لا تستطيعون أن تأتوا بشيء يبدو يجعل هذا القرآن لا شيء, وتقدموا أنتم شيئاً يعتبر أحسن منه, لا يمكن على الإطلاق. هذا أيضاً أبعد. إذا ما تستطيع أن تأتي بمثله وبمنهجية صحيحة بإخلاص فلن تستطيع أن تجعل منهجية أخرى مغايرة له هي أحسن منه أنت أعجز في هذا.
في الأزمنة هذه يأتي مثلاً مجموعة قانونيين, خبراء في القانون, أو منظرين ويعملون مثلاً دستوراً معيناً, أو قانوناً معيناً, عندما تمر عليه مثلاً ثلاثون سنة, أربعون سنة, يعتبر قد هو قديم, وقد هو بحاجة إلى تغييرات كثيرة, ثلاثون سنة, أربعون سنة, قد ظهر أنه لم يعد متناسباً مع الزمن هذا, بعد ثلاثين سنة, أربعين سنة, تغييرات كثيرة داخله, ما بالك مئات السنيين تمر على القرآن وتجده كلما مشى الزمن كلما اتضح بشكل أفضل وأفضل, وأفضل, كلما تفهمه بشكل أفضل, وكأنه يتناول كل شيء, وكأنه يتناول كل شيء على أرقى, على أرقى مستوى.
قد تترسخ القضية لدينا: [أن القرآن مسكين الله, والدين هذا مسكين الله عوينه ندافع عنه احنا] أليست هكذا تترسخ؟ لا…, القضية أرفع من هذا, أنك أنت, أنت الذي بحاجة إليه, ما هو في فضلك, حقيقة, أنت ملزم أن تسير عليه, أنت محتاج إليه كمنهج في الحياة, أنت محتاج إليه أمام أي إشكالية تواجهك, عدو, أي إشكالية كانت أنت بحاجة إلى هدي الله, أنت بحاجة إلى القرآن.
لو يسلك الناس الطريقة هذه, هي التي ستصدم نفوس الآخرين, خليهم يتمشكلوا مع الباري. هنا يقول لنبيه, عندما يقولون بأن هذا القرآن أساطير, افتراء, أشياء من هذه.. ما هو بيأتي مثل هذا في الزمن هذا؟.
إذا حصل مثل هذا نأتي نغطي المصحف هناك, ونقول: نريد ندافع عنه, مسكين الله, ويأتي يبرز هو كإنسان, كإنسان, يبرز هو كإنسان بتفكيره, بعقليته, بنظرته كإنسان. هنا يقول له: القرآن هو سلاح لك أنت, أنت قل لهم: أنا عندي القرآن هذا, ما أعجبكم هاتوا مثله, ما أعجبكم انقضوه, ما أعجبكم ردوا عليه, هذا من عند الله.
خليهم يبحصوا مع القرآن, سيعجزون فعلاً, أليس الأولون عجزوا؟ والآخرين سيعجزون.
لكن الذي يحصل أنه يقفل القرآن على جنب, وبرز هو وما قد فهم القرآن نفسه! وضعف أمامهم, وضعف. هذا المنهج, منهج ترك لمدى سنين طويلة, لمئات السنيين!.
استخدام القرآن, استخدام الإسلام كسلاح, افهم بأنه هو الذي يدافع عنك أنت, ما أنت الذي تأتي تتصدق عليه تدافع عنه, هو يدافع عنك أنت؛ ولهذا يأتي بعبارات: اتبعوا, أليس هكذا: اتبعوا؟ اهتدوا, سيروا على هذا. فقط ما بلا هذا. عندما تسيروا عليه, سيبرز مدافع عنكم, سيبرز مدافع عنكم فعلاً. وفي جوانب الدعايات هذه, أو جوانب النقد للإسلام, ردهم يتمشكلوا مع القرآن, ما تغرق معهم في جوانب فلسفية.
عندما يتحدث مثلاً عن ميراث المرأة, لماذا المرأة ما معها إلا نصف! قل: هذا شرع الله في كتابه, القرآن الكريم هو نزل من عنده إلينا, وقال فيه كذا.. إذا عندكم أنه غلط ردوا عليه, فنِّدوه, هاتوا مثله, وعندكم أجهزة كمبيوتر, وعندكم إمكانيات كبيرة. تستطيعون, يعني من ناحية الآليات تستطيعون أكثر مما كان الأولون, لديكم آليات أكثر مما عند الأولين من آليات, وعندكم خبرات, وأمامكم رصيد من الزمن مليء بالنظريات, ملي بالأشياء الكثيرة, هاتوا مثله!.
ولهذا نقول بأنه يقول لنبيه:{قُلْ}{فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ} (البقرة23) أليس هكذا؟ {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} إن كنتم صادقين بأنه سحر, وأنه… هاتوا مثله, وخليه في الأخير يلتجم هناك, يكمم فمه. لكن تبرز أنت..؛ ولأن الأغلبية سيبرز وما هو فاهم للقرآن, أولاً ما هو فاهم منهجية القرآن, ولا فاهم لطريقة القرآن, أليس هذا كبرياء؟ تجد إلى من هو يفهم القرآن تماماً, رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يفهم القرآن, وأعلم الناس بالقرآن نفسه الله يقول له استخدم هذا القرآن هو نفسه سلاح تحداهم به هو, قل لهم: {لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}(الإسراء88) [خلي اما أنتم فما انتم شي],{وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}.
وفي الأخير تجعلهم يطننون مع القرآن, ويهندسون مع القرآن, ويقفون مع القرآن, ولو هم يستطيعون لعملوا ذلك من قبل أن تدخل معهم في نقاش وفي صراع, من قبل. في الأخير يترتب على هذه هز للقرآن في النفوس. إذا انطلق الإنسان هو ما يسير على المنهجية هذه مع الأطراف المعاندة وضعف هو, قدم القرآن؛ القرآن والموضوع كله ضعيف عند الأتباع نفوسهم, يهز الموضوع في نفسياتهم هم!.
فهنا عندما يقول:{فأتوا بمثله} رأى الأتباع نفوسهم أن أولئك عجزوا اشتدوا أكثر. أليسوا يشتدون أكثر؟ هذا سلاح رهيب جداً أغمده المسلمون بناء على النظرية حق المعتزلة والأشاعرة أنه ينطلق هو يترك القرآن على جنب وينطلق هو! فشلوا وفشَّلونا, وأضاعوا أسلحة هامة جداً هي هذه, هذه المنهجية في القرآن, وتكررت أكثر من مرة.
لهذا نقول: أنه مهم جداً, مهم جداً أن يكون عند الناس آلية للإحصائيات, إحصائيات ومعلومات, عندما طرحت الإشتراكية كنظرية, وحصل لها دولة, وعممت كنظام, ماذا ترتب عليها؟ كيف كانت نتائجها في الحياة؟ الشيوعية كذلك, الرؤية الأمريكية الغربية هذه للحياة, وحركتهم على أساسها, وكيف نتائجها, الأنظمة: ديمقراطية, جمهورية, ملكية, سلطانية, بكل أنواعها, ماذا وراءها؟ مجتمع يعيش على نمط معين من الحياة, ومفاهيم معينة من الحياة, كيف أصبحت؟ كيف أصبح واقعه؟.
هذه الإحصائيات مهمة جداً, مهمة جداً أن يعرفها الناس؛ لأنك عندما تدخل مثلاً في محاورة مع طرف آخر تستطيع قبل أن تصل إلى موضوعك أنت تفنده هو من واقعه, وتبطل ما عنده مما عنده, تبطل ما عنده مما تجلى في واقع حياته هو, مثلما نحن نعمل هذه, ألسنا نعمل هذه؟ بالنسبة لنا داخلنا, مما لدينا من واقع يتجلى بطلان أشياء مما لدينا مما قدمت باسم آلية للدين, أو حسبت على الدين وليست منه, أليست هكذا؟.
ولهذا هي منهج أيضاً: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}(فصلت53). ولهذا هم يخافون جداً أن يأتي نموذج قرآني في الحياة, عارفين هم, الدين الإسلامي احتمال يكون صحيحاً ولو بنسبة 70%, يخافون, عارفين أنه ممكن يقدم نموذجاً للحياة هاماً, إذا قدم نموذجاً للحياة هاماً هو محسوب للإسلام ضرب كل ما عندهم؛ لأنهم يقدمون أنفسهم بأن ما لديهم هو الأفضل, رؤيتهم الأفضل, فلسفتهم الأفضل, طريقتهم في الحياة الأفضل, وهكذا.. وإلا فهم عارفين أين الأفضل.
بعدما قامت إيران كدولة إسلامية هاجموها مهاجمة رهيبة, ليس فقط لقضية مصالح, أو أشياء من هذه في المنطقة, أن لا تظهر كنموذج جيد يحسب للإسلام, أي معنى هذا يشهد على أن الإسلام هذا قادر على قيادة الحياة ـ كما يقولون, قادر على بناء الحياة, أن رجال الدين في الإسلام قادرين على قيادة الأمة, على بناء الحياة, تتجلى الحياة في هذا المجتمع أفضل من الحياة في المجتمع الغربي, سيضرب ما لديهم؛ لذا يحاولون أنه لا يحصل هذا, هم يخافون من أثر القرآن في الحياة, يخافون من أثره, أن لا يأتي شيء هكذا يسير – ولو بنسبة محدودة – على منهجيته فيتجلى جيد محسوب للقرآن .. أي أنهم عارفين أنه قادر على أن يضربهم في هذا الجانب من واقع الحياة نفسها.
فعندما يقول: {بمثله} دائماً كلمة بمثله, بمثله هي تحمل على ماذا؟ على الجانب البلاغي, الجانب الفني, أليس هكذا؟ قل له: خلاص, لا أنت, ولا أنا, مازلنا عرباً, لكن نحن وأنت ربما لدينا قدرة في موضوع نظام للحياة أكثر مما كان لدى العربي الأول, وأنتم أصحاب حضارة, وأنتم كذا.. طيب هات منهجاً للحياة مثل هذا, ولو انجليزي, خلي عنك أن أقول لك: عربي فصيح, هات منهج للحياة مثل هذا القرآن, في واقعيته, في سعته, في صدقه, في حقائقه. لا تستطيع أبداً, لا تستطيع أبداً, لو لم يكن نصاً عربياً, لو لم يكن نصاً عربياً! اكتبه انجليزي, انجليزي.
ما هي البلاغة عندنا؟ لا يوجد إلا بلاغة تعجز, يعني عندك كفاءات بلاغية ستعجز. طيب أنت عندك قدرات تنظيرية ستعجز, أنت عندك مثلاً قدرات تربوية, رؤى تربوية ستعجز. والميدان لتجليات العجز هي الحياة هذه, تجليات العجز هي في هذه الحياة, في الأخير ينكبه الواقع, ينكبه الزمن, ينكبه كذا..
ولهذا نقول: لا يأتي مثلاً عندنا مجلس النواب بعد أربع سنين, ست سنين, ويدخلون ويستعملون القوانين مما قد مشت ويعدلونها من جديد! وهكذا, وهكذا. مع أنهم يخرجون من المجلس ما قد استكملوا تعديلات القوانين الأولة!.
………….
[عندما نقول] الذين كانوا فصحاء وبلغاء عجزوا ذاك اليوم, وقد ظهر لنا أنهم قد عجزوا إذاً فقد هي حجة عليكم أنتم الذين في هذا الزمن. هذه ليست مقنعة, لا يقتنع بها الإنسان, بهذه نهائياً, ولا هو منطق هذا, ما هو منطق. لو يأتي يقل لي هو بمنطق على هذا النحو ما أنا مصدق له هو, يكون عنده عجزوا الناس ذاك اليوم, ما استطاعوا يعملوا مثله, ونحن نقول لكم أنهم عجزوا؛ لأننا الذين ننقل لهم الخبر, أنهم عجزوا, أليس هكذا؟.
ونقول لهم: لو كانوا جاءوا بمثله لكان ينقل.. نقول لهم: أنتم تواطأتم جميعاً, ما تركتموه يمشي, أليس بالإمكان أن نقول هكذا؟ ناس جاءوا بمثله, ما رضيتم تتركوه يمشي؛ ولهذا لما كانت هذه ثغرة رجعوا قالوا أصحابنا لو كان .. لنقل لكثرة الدواعي إلى نقله, بل ربما نقل أكثر من القرآن, بل كذا.. الخ…
أليست حَنْبَة! وقعوا في حَنْبَة؟ يا أخي {مثله} في أي زمان, ومكان, وتفهم ماذا يعني مثله, بكل ما في رأسك, وبكل ما لديك من مؤهلات, بمثله. لكونه نظام للحياة, نظام للحياة, ومنهج لبناء الإنسان, وبناء الحياة على أرقى مستوى … ما يستطيعوا أن يأتوا بمثله على الإطلاق؛ لهذا فهي نقطة ضعف لدينا, أن يكون واحد فاهم فقط يعني في الجانب البلاغي, ثم في الأخير تلجم فيما بعد.
لا, إفهم القرآن أنت, يتفهم الناس القرآن هم, ويتفهمون كيف كان واقع الحياة بالنسبة للآخرين, هذه القضية هامة, يتفهمون واقع الحياة التي نحن عليها, والتي عليها الآخرون, أصحاب نظريات كثيرة, وفلسفات كثيرة, وثقافات كثيرة, كيف أصبح واقع حياتهم.
هذه قضية تعطي ثقة قوية جداً بالقرآن, وتجعلك فاهم إذا ما قلت للآخرين: هات لي انجليزي, أو فارسي, وليس بالنص العربي, منهج للحياة مثل هذا المنهج الذي قدمه القرآن الكريم, وتعال أنا وأنت نستعرض واقع ما لديك. تستطيع تفند واقع ما لديه قبل أن تدخلوا في موضوع القرآن, تفند ما لديه من خلال تجليات آثاره في الحياة.
قضية هامة جداً؛ ولهذا نقول أكثر من مرة: يجب أن لا يترسخ في الذهنية ـ لا عندهم ولا عندنا ـ أن ما نحن عليه من سوء هو واقع دين، لأن هذه ضربة رهيبة, هذا واقع باطل حُسِبَ على الدين وليس من الدين في شيء نهائياً, بل حرب للدين. فهو شاهد على أن الدين صحيح, ابتعدنا عنه فكنا على هذا النحو. أما إذا الناس [متساهين] مثلما يعمل الكثير [متساهين] هكذا, وهم هناك مدبلجين الموضوع, هم مركزين على النقطة هذه: شهادة الواقع على بطلان النظرية.. هي قضية أساسية. يقولون: لاحظوا كيف أنتم كذا, وأنتم, وأنتم, وأنتم, دينكم هذا ليس بشيء!. يا أخي هذا ليس هو الدين, هذا الذي صنعه أصحابكم زمان, يوم دخلوا مع بني أمية ينظِّرون لهم.
هذا الذي عمله أشباه اليهود من زمان, قدموا لنا باطلاً, جعلوه بهذا الشكل. الدين شيء ثاني هو: القرآن. وواقع حياتنا الذي نحن عليه هو ما صنعته ثقافتكم أنتم يوم دخل كعب الأحبار وأمثاله. فنحن فيما نحن عليه من سوء شاهد على سوء ما لديكم, أي سوءكم أنتم؛ لأن الإسلام ما اشتغل ولا مرة, ما قد اشتغل إلا مرة واحدة في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله), جانب محدود منه, وفي فترة قصيرة, أيام الإمام علي (عليه السلام) ما أتاحوا له, كم أربع سنين وستة أشهر تقريباً؟ فترات محدودة هكذا, ما ترك القرآن يشتغل, لكن أنت تشتغل الآن تتفهم واقع ما لديهم, وواقعك هذا نفسه السيئ تحسبه عليهم, ويكون عندك قدرة أن تبرهن على أن تحسبه عليهم.
إذا ما تطاول هو إلى نص القرآن, أو إلى قضية هي صريحة في القرآن, قل له: القرآن يتحداك, هات مثله: {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(البقرة23)؛ لأنه لاحظ كيف يكون عمل خطأ رهيب, يأتي شخص من الناس يكون مهتم هو بنفسه أنه يكون الدين على هوايته, ومزاجه هو, أو يجعل من الدين مبررات لضعفه, وقعوده, وإعراضه .. أليس هكذا يستخدم؟. ويكون مرتاح!.
طيب لا ترتاح, هل تدري ماذا تعمل؟ أنت تقدم شاهداً رهيباً على خطأ هذا الدين, إذا كان هذا هو الدين؛ لأن الآخر سيرى مثلك وأمثالك, ويرى مثلك وأمثالك ويقول ماذا؟ لاحظوا الدين ماذا يعمل؟! الذي عنده الروحية هذه, أليس هو سيقول الدين فعلاً؟ فيكون هو شاهد للكفر, شاهد للباطل, شاهد للكافر على دعواه في بطلان دينه؛ لأنه في الأخير يستطيع أن يبرهن له بأنه فاشل.
فالذي عنده الروحية هذه, مثلاً شخص [منخِّط, نخيط عنده] ويريد يكون الإسلام موافق لرؤاه, وكل شيء يسير على رأيه, يبرر له شرعية أن يتحرك وفق رؤاه, أليس هكذا؟ وكأن ما في الدنيا إلا هو, وكأن الدين ما نزل إلا له هو.
طيب من أول ما تفهم أن هذه حالة التي تفترضها لك وتفترضها للآخرين, أليست تؤدي إلى رؤى متباينة؟ وتؤدي إلى تفرق الناس, حتى لا تبتني أمة. إذاًَ فأنت تشهد على أن الدين هذا إذا كان هو الدين دين لايبني أمة, ولا يصنع نظام الحياة, يقدم رؤى متباينة, وأن الديمقراطية أفضل منه تطلع! أليس هكذا؟ على أساس الطبيعة هذه..
شخص آخر يريد لا يلزمه شيء ما يريد يتحرك [و ما له دخل وما يلزمني] الخ. أليس هكذا أيضاً؟ دينك هذا أيضاً لا يعمل شيء للناس في حياتهم, ولا يحل إشكاليات, ولا يوجههم لما يدفع عنهم إشكالية معينة, لا إشكالية لا داخلية, ولا خارجية, لا إشكالية في واقع حياتهم: اقتصادية, ثقافية, وغيرها, ولا تأهيلهم لمواجهة مشكلة كبيرة متجهة إليهم! ما دينك هذا باطل؟!.
في الأخير يكون هذا النوعية الذي يغرق في ذاتيته, ولا يريد يتحرك, يطلع الدين مبرراً له. والنوعية الأخرى الذي هو ملان [نخيط] يطلِّع الدين عبارة عن ماذا؟ وسيلة تمزق, ووسيلة لأن لا يكون له رأي واحد في شيء, ماله رؤية واحدة في شيء, فيكون هذا النوع يقدمون للعدو شهادة على بطلان دينهم؛ ولأنهم هم سيقولون دين, هذا هو الدين.
الآن لاحظ: أليس بعض الناس يقول وفق المنطق الغربي السائد الآن: الحرية, وحرية الرأي, والتعددية؟ هي هذه, هي ليست إلا مؤقت, في الأخير هم يقلبوا عليها, وأنت كنت تسير على أساسها, وأنها هي ما يتطلبه العصر, ومسايرة العصر, والعصر هذا هو عصر الحضارة والتقدم!.
هي خدعة هذه بكلها أساساً, هي خدعة. في الأخير يقلبوا, عندما يقلبوا هم يقول لك: الرؤى المتعددة المتباينة, أي نظام يسمح بتعددية وتباين, وحرية صحافة, وأشياء من هذه هي كلها غلط, سيقول لك: غلط, وحصل منها كذا وكذا؟… سيقول: نعم, صحيح, صحيح أليست هذه هي باطلاً؟ يستطيع يقول لك في يوم واحد, يوم واحد يستطيع يقدمها لك كلها باطلاً.
وفي الأخير يقدم ما كنت تفتخر به, وعندك أنه هو الطريقة, أن [ما بِلاّ هو خلاّك تقول هكذا وتسير عليها, وهو مجهز نفسه] وفي الأخير تقدم له شواهد على بطلان مسيرتك كلها, وفي الأخير لا تعد ترى إلا هو, لا تعد ترى إلا هو في الأخير, ويدخل [اليهودة] بقناعة, وتقبُّل حكم يهودي عالمي بقناعة, أليس هكذا؟.
[فكفى بهذا ومثله وبأقل أضعافٍ منه] يعني: كيف نقول: مضاعفة مَنْزَل [والحمد لله تعريفاً وتقريراً.] أقل بكثير مما هو فيه, هو يكفي تعريفاًَ وتقريراً. [وفيما برَّأَ الله كتابه من الاختلاف والتناقض، وما خصَّه به من الحكمة والبعد من التداحض، ما يقول سبحانه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ} [النساء: 82] من عند غير الله, ملك, جن, من الملائكة, أو جن, أو بشر, أو أي مخلوقات أخرى {لَوَجَدُوا فِيْهِ اخْتِلاَفاً كَثَيْراً} كثيراً وليس فقط قليل. [فهو الذي برَّأه الله من كل تناقض] طيب هذه نحن قلنا: هي تكشف لنا, تساعدنا على فهم {بمثله} عندما يقول: {عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ}(الإسراء88) لا تحملها على جانب واحد: الجانب الفني, جانب النص اللغوي, بلاغة.
{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} ما هو الاختلاف هنا؟ في ماذا؟ هنا الاختلاف ليس متعلقاً بالنص .. إنما في ما يؤدي إليه؛ لأنه هل القرآن مثلاً عبارة عن كلمات واحدة مكررة؟ الحمد لله, الحمد لله, الحمد لله.. إلى آخرها. فيقول: لو كان من عند غير الله لطلع بينه [سبحان الله] أو [أعوذ بالله] لا, ليست بالشكل هذا .. هنا أنت تراه كلاماً, أليس كلاماً؟. لو أتصور اختلافاً فيما يؤدي إليه .. أليس فيما يؤدي إليه, فيما يهدي إليه, فيما يقدمه, فيما يرشد إليه.
فالتناقض هنا والاختلاف هنا مرتبط بالمعنى, يعني مرتبط بما يهدي إليه, وليس بنفس النص, بما يهدي إليه, بما يرشد إليه, يعني من يرشد هنا إلى شيء, وأرشد هناك إلى شيء, ويكون هذا وهذا متضادان أو متضاربان.
وهي طريقة هذه حتى في هذا الجانب. لاحظ مثلاً في حديث العرض .. حديث العرض ما يشتغل حديث العرض نفسه إلا بحركة القرآن, مع حركة القرآن, وإلا فقد تأتي أشياء مثلاً قد أجد حديثاً ما أرى أنه معارض للقرآن لأني ما رأيت الجانب الذي يمكن أن يطلع فيه معارض له, لكن في حركة الحياة, يعني هذا جانب واسع؛ لأنه عندما يقول في الحديث: (فاعرضوه على كتاب الله) هل معناه تعرض النص على النص تجده متعارض؟ هذه قد تكون حالة نادرة هذه, لكن فيما يؤدي إليه هذا, ويكون مختلف مع ما يؤدي إليه القرآن أو آية من القرآن, أليس هكذا؟.
أحياناً, أحياناً مثلاً ما يظهر أن هذا الحديث هو مباين لمقصد قرآني, لمنهج قرآني إلا من خلال حركة الحياة, يعني حركة الناس على أساس القرآن في الحياة فيتجلى, إذا أنت تجلس فلن تستطيع تعرض إلا الواضحات, الواضحات مثلاً, مثل: [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] وأشياء من هذا القبيل, أما أشياء كثيرة, مثل هذا الحديث في كتب الترغيب والترهيب, بأن من أمتلك أكثر من قوت يومه نقص من أجره مثل ذلك يوم يلقى الله!.هذا بيرووه في [كنز الرشاد] وغيره.
طيب مثل هذا عندما ترجع إلى القرآن الكريم تجده يحث على الإنفاق في سبيل الله, تجده يقدم للإنسان التزامات مالية أكثر من موضوع معدته. قدموا في كتب الترغيب أن المشكلة هي المعدة! أنت لا تنشغل بالمعدة فحاول أن تحصل على قوت يومك فقط!. طيب في الإسلام ما المشكلة هي المعدة؟ ما قدم المعدة, هناك التزامات مالية أخرى كثيرة, التزامات مالية أخرى غير المعدة: الإنفاق في سبيل الله, في أعمال البر, مجالات واسعة, قدمها.
إذاً فكيف يمكن أن تجد القرآن الكريم في منهجيته يربط جوانب كثيرة بالجانب المالي, الجهاد مثلاً مرتبط بالجانب المالي, النصر لله, بناء أمة, كلها مرتبطة بجوانب مالية. فكيف يأتي هناك يشجع المؤمنين على أن لا يهتم أبداً, ولا يحاول يحصل من الدنيا على شيء أبداً إلا إذا قد معه لقمة ويكفي, وهو المؤمن المخلص!؟.
طيب المؤمن هذا ما باستطاعته يقدم شيئاً في الواقع, ولا يعمل شيئاً. أليست هذه منهجية متعاكسة؟ هذا سيرسخ شيئاً يختلف عما يريد القرآن منا.
[{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيْهِ اخْتِلاَفاً كَثَيْراً} [النساء: 82]، فهو الذي برَّأه الله من كل تناقض واختلاف وطهره تطهيراً] لاحظ أن هذه نفسها هي تقدم لك ضعف الجانب الآخر, ضعف أي ناس لا يسيرون على القرآن, وعندك فهم؛ لأنه من خلال القرآن الكريم تفهم ما هي المنهجية الصحيحة في الحياة, والنظام الصحيح في الحياة, وتجد أن القرآن هو يقدم في الجانب التربوي, في الجانب المعنوي, في الجانب السياسي, في الجانب الإقتصادي, في جوانب كثيرة جداً .. كامل في كل جانب, وكل الجوانب مع بعضها بعض تشكل تكامل, لا يوجد تناقض هنا أو هنا نهائياً, ولا هذا الموضوع ينقض هذا الموضوع.
طيب الآخرين بالتأكيد عندما يقول لك: {لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}(النساء82) يعني هو يقول لك: القرآن من الآن أي نظرية يقدمها الآخرون للحياة بالتأكيد فيها اختلاف كثير, يعني هي متناقضة هي في نفسها.
فالقرآن هنا يعطيك قدرة على أنك تهاجم الآخر, تهاجمه, وتكشف سوء ما لديه, مما لديه هو .. نجد أنت رؤيتك في الجانب التربوي هي هكذا, ونظامك السياسي كذا, ما يصنعه هذا المنهج التربوي هو بالتأكيد يؤدي إلى خلق مجتمع لا يتقبل النظام السياسي هذا, وهكذا .. نظامك الاقتصادي هو على هذا النحو الذي يتنافى مع نظامك التربوي, في الأخير تقدم له الموضوع [مخربط] عنده قبل تبدوا على القرآن.
وهذا هو نفسه أيضاً في إطار التأهيل للأمة أن تكون هي قادرة على أن تهاجم الآخرين, لا أن تغرق هي, يقدمون لها شبهة, أو يقدمون لها حاجة فيجلسوا يبحصوا فيها [مدري كم] هنا يقول لك: بالتأكيد ما لدى الآخرين فيه تناقض, التناقض معروف عند البشر بأنه خلل, أليس هذا معروفاً؟ معروف عند البشر جميعاً أن التناقض والتداحض هو خلل ويدل على خطأ.
إذاً أنت بحاجة إلى هذه؛ لتغرقهم هم في ما عندهم: [منهجكم فيه كذا, يتنافى مع منهجكم في كذا, يؤدي إلى تعارض في الأخير, إلى تناقض وإلى اختلاف, إلى اهتزاز في بنية المجتمع] هذه مما نفهمها هنا, القضية هذه تفهمها وتركز عليها.
طيب الموضوع كله مرتبط بأن تفهم المنهجية الصحيحة للحياة من خلال القرآن الكريم, وأن تفهم من خلال إحصائيات ومعلومات مما لدى الآخرين, مما لدى الآخر. فتستطيع أن تكشفه مضطرباً, تهزمه هو نفسياً أمام واقعه.
[فلم ينظر بعين قلبٍ مبصرة، ولا تمييز نفس زكية مطهرة، مَن خفي عنه أن تنزيل الكتاب لا يمكن أن يكون من غير رب الأرباب، لعجز كل مَنْ سِوى الله عن أن يأتي من آياته بآية، ولو عني بذلك وفيه بكل جهدٍ وعناية، لامتناع ذلك وعَوَزه] غير ممكن, يعني مفتقر إلى قدرة الباري [وارتفاعه عن ذلك وعزه] ارتفاع القرآن ومنعته [عن أن ينال نائلٌ ذلك أبداً منه، وأن يصاب أبداً إلا بالله وعنه.] أن يصاب القرآن ـ أن يكون هو إلا من الله, إلا بالله وعنه هو ـ القرآن أن يصاب أبداً إلا بالله وعنه.
وهذا يعطينا هذا شاهد آخر عندما تفهم بأنه الله سبحانه وتعالى عندما يتحدث عن الملائكة, عندما يتحدث عن الرسل عندما يتحدث: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ}(الحج75) أن هذا الملك الذي اصطفاه, وهذا البشر الذي اصطفاه لا يوكل إليه هو أن يقدم منهجاً للحياة, نفس المصطفى الذي قد صار كاملاً؛ لأنه لا يستطيع على الإطلاق, على الإطلاق, إلا إذا افترضته أنت مثل الله! ولا يمكن أن يكون مثل الله, لا يمكن.
طيب عندما نأتي نحن, نحن, وكل واحد عنده هو ينطلق على رؤيته, وعلى ما طلع في رأسه يطنن ويتفلسف! أليس الفارق كبير جداً هنا؟ لأن القضية هي قضية مرسومة, المصطفى هذا بكله يا الله أنه يعرف كيف يبلغه {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}(الأنعام50) يعني حرفياً, التزام حرفي, {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}لا يوجد أنه يقول له: [أنت رجال بلحيتك واتوكل على الله الذي تراه مناسب قدمه للآخرين] فكيف بنا كيف بالبشر كلهم هكذا. الإنسان أحياناًَ يكون عنده رغبة في الأخير يجعل نفسه إلهاً!! لا, القضية كبيرة, القضية صعبة جداً, قضية رسم منهج للحياة, قضية ليست في متناول أحد أبداً إلا من خلق الحياة وخلق الإنسان, ويعلم السر في السماوات والأرض, ولا يوجد إلا الله يعلم السر في السماوات والأرض, وهو الذي خلق السماوات و الأرض, وخلق الإنسان.
[فواللهِ ما ينال ذلك في ظاهره وعِليِّه، وبيِّنِه الذي لا يخفى وجليِّه،] أقسم أنهم ما يستطيعون أن يأتوا بمثله في الظاهر, الظاهر منه, ما بالك أما عمقه!.
[فوالله ما ينال ذلك في ظاهره وعِليِّه، وبيِّنِه الذي لا يخفى وجليِّه، فكيف بما فيه من الأسرار والخفايا؟! وما خُبِّئ فيه لأولياء الله من الخبايا؟!]. فعندما يأتي واحد من الناس يعمل كلام من أجمل الكلام هو يكتب قصيدة شعرية, أو كتابة. هل تتصوره بحر لا يدرك قعره؟ قولبه مره مرتين ثلاث ونجح, ينجح المعنى حقه, ينجح خلاص ينشف, إنما فقط فيه مثل ذلك [الوقيع] الذي يكون على صخرة يأتي أي حيوان وشربه! هذا بحر لا يدرك قعره, القرآن.
وما هناك شخص أيضاً تقول مؤهل سيعلمه تماماً ثم ينطلق, لا يوجد, لا يحصل هذا أساساً, لا يحصل أبداً.. عندما يكون الناس يتحركون في الحياة تجد أنت آية تفسرها وهو كل ما عندك في ذلك الشهر, قد هو كل ما عندك, تمشي في الزمن تطلع أشياء أيضاً, تطلع, تطلع, أشياء كثيرة, وأشياء هامة وليست فقط عبارة عن هوامش, لم يعد هناك سوى حثوله!.. أشياء هامة, هامة على طول, ما تنتهي, ما تنتهي, ولا تختلف أبداً إذا المسيرة صحيحة, إذا الأشياء صحيحة.
وقد قلنا: أن الشهادة على هذه هو أن الله سبحانه وتعالى عندما أرسل رسوله, ألم يرسله؟ ما هي الرسالة؟ أليست القرآن؟ لم يبدأ ينزله عليه في البيت كاملاً, وأولاً يفهمه, ويتحفظه, ثم في الأخير يتحرك فيه!. نزل عليه هو على مدى ثلاثة وعشرين سنة؛ لأنه هكذا القرآن, هكذا, ولا يمكن يكون إلا هكذا, ليس كتاباً يمكن تقراه, تقراه, وتكمله, وتفهمه ثم تقوم تنطلق! أبداً, أبداً, هو كتاب حياة, كتاب حركة.
طيب تجده في هذا الجانب وحده وهو كونه بهذا الشكل واقعي بالنسبة للإنسان؛ لأن الإنسان في واقعة متحرك, الحياة متحركة, وهو واقف هو له موقف, هو معرض له موقف! ما هناك جلسه, ما هناك جلسه أبداً. عندما تقرر أنت تجلس, عندك موقف, في الأخير يطلع أثره؛ لأنه ما هناك جلسة, هو موقف, تجلى أثر موقفك بعد, الم يتجلى أثر موقفك؟ وفي الأخير تقول: لماذا لم تجلس الحياة عندما جلست؟ لا، {إِنَّكَ كَادِحٌ إلى ربك كدحا}(الانشقاق6) مسيرة, حركة في الحياة على طول, على طول؛ ولهذا كان هناك حاجة للهداية,{إهدنا} وجاءت أيضاً بعبارة تفيدك على طول, تأتي في الصلاة, والصلاة على طول, وفي اليوم والليلة, وفي أوقات متعددة.
يعني بالنسبة لنموذج الوقت, معك في الصبح, معك في نصف اليوم, معك وقت الأصيل: العصر, معك في أول الليل, وأيضاً مناسب تتهجد في الليل, أليست هكذا؟.
إذاً هنا مسيرة الحياة كلها, مسيرة الحياة كلها ما هو زعم السنة, بل اليوم, الليلة, داخل اليوم, داخل الليلة, أنت بحاجة إلى هداية. ماذا يعني هداية؟ أليست الهداية معناها إرشاد؟ أنت عندما تقول: [أريد يا خبير أن تعلمني الطريق, ترشدني] معناه أني متحرك, إرشاد, كلمة إرشاد؛ ولهذا كلمة هدى متكررة في القرآن.. كلمة هدى هي توحي بحركة الحياة, بحركة الحياة على طول, ولوا افترضت مثلاً أن ما هناك باطل, لا يوجد باطل نهائياً, فالحياة ما تزال واسعة في عمارتها, وعمارة النفس واسعة جداً جداً، تحتاج إلى هداية.
هل الإنسان فقط يحتاج إلى هداية إذا كان فقط يريد يخرب طابق ويبني طابق؟ أم أنه يحتاج إلى هداية وهو يبني وما هناك خراب؟ ألست ستحتاج إلى هداية وأنت تبني؟ تقول: [يا خبير إن جو واحد يفصِّل بالمتر] أليس من يبني يحتاج يعمل هكذا؟ وأنت تبني في مسيرة البناء, وليست الهداية فيما بين طابق أريد أخربه وطابق أريد أبنيه, في مسيرة الحياة, حتى مع كون المسيرة إيجابية, حتى ولو افترضنا أن ما هناك باطل نهائياً, أنها واسعة بالشكل الذي يتطلب هداية باستمرار, باستمرار, إرشاد.
[كيف بما في حواميمه؟! من غرائب حِكَمِه، وما في طواسينه،] يقول هنا أنه ما يستطيعون في ظاهره أن ينالوا هذا, يعني أنه يأتي بمثله, أو بآية أو بسورة في ظاهر القرآن, ما بالك ما فيه في الخفايا. [كيف بما في حواميمه؟! من غرائب حِكَمِه، وما في طواسينه، من عجائب مكنونه،] المكنون منه [وما في ق، وطه، ويس، من علمٍ جمٍّ للمتعلمين،] الذي يجب أن يعلموه, المتفهمين [وفي كهيعص وألم والذاريات، من أسرار العلوم الخفيات، وما في المرسلات والنازعات، من جزمِ أنباءٍ جامعات، لا يحيط بعلمها المكنون، إلا كل مخصوص به مأمون، فَسِرُّ ما نزل الله سبحانه من الكتاب، فخفِيٌّ على كل مستهزئ لعَّاب.].
هنا الإمام القاسم كأنه يرى أنه [ألف لام ميم ط سين ميم] هي إشارة إلى أن السور التي تحمل هذا العنوان وتبدأ بهذه فيها أسرار كثيرة جداً.. هنا عندما يقول, وهي نفس العبارة, أي أنت أمام شيء [تطس عليك] إذا ما هو مؤهل [ألف, لام, ميم] أليست نفس العبارة هذه؟ يجلسوا يعصدوا فيها ماذا تعني, ماذا تعني [ألف, لام, ميم,] لماذا..؟ في نفس العنوان. يقول لك: أنت أمام شيء فيه أسرار كثيرة, فيه مكنون علم كثير, فيه كذا.. يعتقد هذا بأنه السورة التي تبدأ بهذه هي إشارة إلى أن السورة داخلها أسرار كثيرة جداً. [ك هـ ي ع ص] أليست هذه خبصه؟ يعني مدري ماذا يريد! لأن السورة فيها أشياء كثيرة, كثيرة جداً.
………
صفات الحروف التي يذكرونها في كتب التجويد يذكروا صفاتها. هنا يريد أن يقول لك: هي رمز, وهذا معناها, أليس هذا معناها؟ هو معنى أن السورة فيها أسرار, الأسرار ما هي, عندما تقول أسرار, عندما يقول أصحابنا أنه لا يمكن أن يكون هناك سر على أحد, لا يوجد سر على أحد, هي كلها كذا, الناس خوطبوا به كلهم, وكل واحد هو مكلف, مكلف! هذه عبارة مكلف هي التي كلفت على أشياء كثيرة! مكلف به يفهمه؛ لأنه مخاطب به؛ لأنه تكليف له؛ لأنه قد يعاقب عليه!.
نظرة فردية وهذا كتاب للحياة, للأمة, هذا كتاب للحياة, وكتاب للأمة, هو أوسع من نظرتك القاصرة, [مكلف يجب] أو عبارات من هذه, وعليه أثام وأشياء من هذه, هو واسع, واسع جداً, قد يكون فيه هدى يفهمه أحد من الناس, هو مرتبط بالناس, يرتبط بدور له في الحياة, وهكذا..
فأن يكون فيه أشياء هي اختصاصات بنقول هناك في واقعنا ما يشهد على هذا.. يأتي الناس يعملوا دستور لأي دولة, وعملوا صلاحيات, أليسوا يعملون صلاحيات خاصة؟ مثلاً رئيس الدولة أليسوا يعطونه صلاحيات؟ طيب فالهدى هو مبني على بناء أمة, بناء الأمة يأتي فيه أدوار متعددة, وكل دور هو عبارة عن مهام, كل مهمة أنت تحتاج إلى هداية فيما يتعلق بهذه المهمة.
إذاً فالشخص الذي له مهمة, وكل المهام هي مرتبطة بمن؟ بالحياة, بالبشر جميعاً, أليست مرتبطة بهم جميعاً؟ هو له مهمة يختص بها ليست لي, إذاً هو بحاجة إلى هداية فيما يتعلق بمهمته, أليس هكذا؟ إذاً ففي الموضوع سر بالنسبة لي أنا ما أفهمه! ولا أفهمه! سيفهمه صاحب الدور المنوط به مهمة معينة, الذي هو بحاجة إلى أن يهتدي فيما يتعلق بمهمته, والنتيجة في الأخير لي وللكل, أليس هكذا؟؛ لأن دورهُ منوط بنا, مهمته من أجلنا, فيهتدي فيما يتعلق بمهمته من أجلنا..
أن تفترض أن هذه لكل شخص لا يوجد لها إيجابية. يأتي في القرآن مثلاً يأتي فيه ما يشهد بصحة هذه.. يعني ما هو أرضية لتقبل ما يأتي من جانب الطرف الآخر فيما هو تحت مسمى أسرار, فيهتدي هو, ويهدي آخرين, أو ينعكس في دوره في الحياة, وهو يؤدي دوره ومسؤوليته عملياً, بالنسبة للآخرين, يكون هناك شهادة على أنه سلوك صحيح, ورؤية صحيحة, أليست هكذا؟ ليست القضية مثلاً سرية مثلما عند الباطنية.. الباطنية ربما انطلقوا انطلاقة لكن أخطئوا فيها بشكل كبير, سر سر!.
يا أخي أين السر, إذا كان هناك سر لا باس هو سر يختص بك, لكن ليست القضية مقفلة بحيث أنه لا يفهم الآخرون إيجابية ما لديك, وصحة رؤية, أو سلوك, أو أي شيء تسير عليه وفق السر الذي لديك.
إن القضية هي بهذا الشكل, بحيث ما يأتي طرف آخر يقول: هناك أسرار, ويقدم أسرار وهي ليست أسرار, ويخدع الناس أن هناك أشياء أشياء! هذا حصل عند الباطنية يقول لك: سر سر, السر هناك أرضيه لدينا لتقبل أنه فعلاً سر, يعني أنه صحيح, هذا شخص فهم شيئاً من القرآن الكريم يتعلق بمهمته, ما يأتي من عنده من رؤى, ما يأتي من عنده من أفكار, ما يأتي من عنده من إرشادات هي مما هدي إليها من خلال السر هذا, افترض هذا..
طيب هذه هي عندما تنزل تكون مقبولة, مفهومة تماماً لدينا, نعرف فعلاً صحته, فالقرآن أعطى أرضية, أن هذا منوط بالناس, منوط بهم هم بحيث ما يمكن تزييف في الموضوع.. فيأتي واحد يقول فيه أسرار, فيه أسرار وأشياء من هذه.. لا، لا, ليست القضية متروكة لك, هذه عليها الباطنية أسرار، أسرار، أسرار.. إنما فقط صاحبهم [ذياك] هي أصل الفكرة قد تكون على هذه, عندهم مثلاً قد يكون هناك شخص واحد فقط, وهو يفهم مالا يفهمه الآخرون باعتبار مهمته.
قد تقول هذه بالمعنى العام, أنه هكذا المسيرة, شخص هو هادي للأمة, يهدي الأمة, يقود الأمة, يرشدها, يحصل لديه فيما يتعلق بدوره أن يفهم أسرار, يهتدي من خلال أشياء في القرآن الكريم, ليس الآخرون بحاجة إلى أن يعرفوها هي هي..لكن أنت تقول لي فيما بعد تهب لك واحد هناك على جنب, واحد تقول لي عنده أسرار, ويقدم لي [طناجع] ويسميها أسرار, ويقول أن ما احد داري إلا هو, وعنده أسرار, هذا تزييف, أليس هذا تزييف؟.
فالقضية وضعت بالشكل الذي ما يمكن أن يقبل تزييف على الإطلاق, يعني ما يقدمه الإمام علي, ما يقدمه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) من قبل, أليس رسول الله من النوع هذا الذي يفهم أسراره وهي أسرار تختص به؟! ما يقدمه هو أليس هو يكون بالشكل المعقول, المقبول, الجذاب؟ وله شواهد من النصوص التي أمامه من القرآن؟.
…………..
[وأسراره برحمة الله لأوليائه فعلانية، وأموره لهم فظاهرة بادية،] وليس من الممكن أن تكون بادية من أول يوم, بادية هكذا على طول, على طول, في حركتهم, في حركتهم في الحياة, حركة ذهنيتهم في الحياة؛ لأنه ممكن أن تكون جالس, وأنت مقفل ذهنيتك عن الحياة, ما تلحظ حركة الحياة, ما تلحظ تراقب, ما تلحظ كيف نعمل, كيف يعمل الناس, كيف, أليس هذا إنسان جامد؟ وقد تكون جالس..
لاحظ رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ألم يكن معه بيت جلس فيه؟ لا يعني حركة الحياة أن تكون [طالع ونازل][ونازل وطالع] هكذا باستمرار. حركة ذهنيته, وحركة عملية ينطلق فيها, فرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ألم يكن يفكر في العالم كله؟ كان يفكر في الروم؟ والفرس, والعرب هؤلاء؟ والناس كلهم كيف يعملوا, كيف يكونوا, كيف يشتغل لهذا الدين, ما هي المشاكل عند الأمة هذه التي قد تخليهم ما يقبلوا حركته. المهم ذهنية مستغرقة.
فلاحظ بأنه نتيجة لهذه الحركة أنه كيف قال للنسوان, معه تسع نسوان كان البعض يكون معها طلبات, طلبات, يقول: أنه ليس من النوعية هذه, تزعجه مرة طلبات[وهات, وهات] وأشياء من هذه, يقول له يخبر نسوانه يبقن معه على الحالة هذه, بدون إزعاج؛ وإلا فيطلقهن ومع السلامة, أليس هكذا؟ في بيته نفسه ما هناك أطفال, حتى في بيته يزعجوه, أطفال[وصياح, وزحمة] وكذا, لا يوجد, لماذا؟؛ لأنه شخص ذهنيته شغالة على طول, مستغرقة بالعالم.
لهذا أمر بأن يخبر نساءه, كيف آية التخيير؟ {إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}(الأحزاب28) فيكون عندها إذا جاء نصر وجاء غنائم [هات] تريد, وتريد, وتريد, لماذا ما يبني لنا بيت! و.. أشياء من هذه {إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً}(الأحزاب28)[وفي ستين داهية] {وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ}(الأحزاب29) تهدأ, وتقبل أي وضعية, [وما جاء جاء وما راح راح] {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}(الأحزاب29) حتى ما يجلسن يشغلن ذهنه بالطلبات على طول, على طول, وأذية وإزعاج, وقضايا [الطبان] هذه, أنك كنت عند فلانة!.
حتى في موضوع [الطبان]! مإذا قال له؟ ألم يقل:{تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}الأحزاب حتى لا تقل أين كنت! لماذا جلست عند فلانة! لماذا كذا..
ما معه مجال لهذا نهائياً, ما معه مجال. لماذا؟؛ لأنه وهو في بيته, في مسجده, ذهنيته مستغرقة بالعمل كله, ذهنيته مستغرقة بحمل رسالة, ليست قضية بسيطة. والمرأة لا تكون مشغولة إلا [بالطبان] إذا معها [طباين] مشغوله بمظاهر الحياة, تريد حاجات من هذه يوفر لها, وعندها أن هذا شخصية عظيمة وبالإمكان ينتصر, وفتوحات, وأشياء من هذه .. وتريد تجي مثل زوجة كسرى أو زوجة مدري من .. لا, لا يمكن هذا.
لهذا لاحظ كيف حرم عندما جاء له قليل عسل عند وحده وهي قالت لماذا؟ حرمه على نفسه, عندما قالت ريحه فسل, حرم ما عاد يشرب عسل.. ألم يقطع الموضوع؟. يعني ما هناك مجال عنده, حرمه على نفسه, يسلم أذيتها وبس, حرم ما عاد يشرب عسل يسلم أذيتها.. يقفل الموضوع نهائياً, يقطعه نهائياً من أول يوم.
[وأسراره برحمة الله لأوليائه فعلانية، وأموره لهم فظاهرة بادية، فهو الظاهر الجلي المجهور، والباطن الخفي المستور، وهو بمنِّ الله المصون المبذول، والجَزْمُ الذي لا يدخل شيئاً منه هذرٌ ولا فضول، بل قرنت فيه لأهله مجامع كَلِمِه،] جوامع الكلم أن تكون الكلمة تحتها معاني كثيرة جداً, جوامع الكلم.
[بل قرنت فيه لأهله مجامع كَلِمِه، وسهِّلَت به لهم مسامع حكمه، فقرعت من قلوبهم مقارع، ووقعت من أسماعهم مواقع، لا يقعها من غيرها عندهم واقع،] ما هناك ما يمكن يترك أثرها على الإطلاق لديهم. لكن أغبياء آخرين معرضين عن هدي الله ممكن تكون الحاجة تكون تطلع جميلة عنده وهو غير صحيح!. هنا هو يقول لك:[ووقعت من أسماعهم مواقع، لا يقعها من غيرها عندهم واقع،] غيرها ما يترك أثر في نفوسهم على الإطلاق كهذا الأثر, يرون غيرها دونها.
[ولا يسمع بمثل تفسيرها أبداً منهم سامع،] وهنا يقول لك أن القرآن هو نفسه الذي يقدم نفسه لك عندما يأتي؛ ولهذا قلنا عناوين كثيرة نحن نعملها وهي في الواقع تكون مجازات, تطلع مجازات في الأخير.
القرآن هو نفسه يعتبر هنا هو الذي يفسر نفسه له, هو الذي يقدم نفسه له, هو الذي يفتح أبواب علومه له.. تدبر, تأمل, والقرآن هو يقدم نفسه لك, ولكن أيضاً على هذا الأساس؛ لأن مفاتيح معرفته هي مرتبطة بهذا الجانب بمعرفة الله, وبتحمل مسؤولية في الحياة تحت أنصار الله, أنصاراً لله, هذا في الحياة, وتنظر نظرة القرآن, لو تقصر نظرتك عن القرآن تحجب عن نفسك علوماً كثيرة جداً.
نظرة القرآن نظرة للحياة كلها, نظرة للكون كله, أليس هكذا؟ لا تأتي تحجمه أنت بنفسيتك الضعيفة مثلاً, أو حتى جغرافيتك. لاحظ الآن كيف اتحجمت المسؤولية بالجغرافيا عندنا, اليمني مثلاً يرى نفسه وكأنه غير مسؤول عن واحد من [عَلْبْ] وكذاك, وعن واحد من [سقطرة] وكذاك! أليست هكذا؟.
والقرآن عنده حده [عَلْبْ] وحده هذه الحدود ما بين اليمن والسعودية, وكأنها هي حدوده! والسعودي هناك حدوده عنده إلى هنا..
القرآن لا يوجد أمامه حدود, يجب أن تنظر نظرته, وتعرف أنه هو نزل وما هناك أمامه حدود, لا يوجد أمامه حدود على الإطلاق, هو للحياة كلها, للبشرية كلها, كلما ترى صور من صور البشرية في أي بلد من البلدان خارج حدودك تراها بأنها في واقعها تشهد على حاجتها إلى القرآن الكريم, وإلى هديه, وأنها تقدم فيما هي عليه من خطأ في مسيرتها شاهداً على بطلان الأسس التي تتحرك عليها, منهجيتها الثقافية, ونظمها التي تسير عليها.
فهنا لما تبدي على القرآن بهذا الشكل, في الأخير يتجلى لك أيضاً هو في هديه, وإلا فجو عندك أن الدنيا هكذا ما هناك شيء, وفي الأخير تجمد القرآن مثلما أهل بلادك, وما تحصل شواهد عليه, ما ترجع تحصل شواهد كثيرة له تكون شواهد لبطلان أي شي سواه.
لاحظ كيف أنه يأتي لنا بشواهد من الأمم الماضية, أليس من الأمم الماضية؟ ليس فقط مما في العالم هذا فقط, بل من الأمم الماضية, يأتي لك بشاهد من عند ذي القرنين من هناك, من عند المنطقة التي سار إليها في شمال الأرض, من عند السدين هناك. ألم يقدم لك هناك من أمة معينة, وشخص معين, وماذا عمل؟ كمثل تهتدي به؟.
[فمن أبى ذلك، وأنكره أن يكون كذلك، فليأت بمثل سورة كبيرة من سوره] هذا أسلوب, ألم يسر عليه الإمام القاسم نفسه؟ الطريقة هذه؟ من أبى ذلك فليأت, [فمن أبى ذلك، وأنكره أن يكون كذلك، فليأت بمثل سورة كبيرة من سوره أو صغيرة، فلن يفعل ولو أجلب بالخلق كلهم أبداً، ولن يزداد بذلك لو كان كذلك من أن يأتي بمثلها إلا بعداً، كما قال الله سبحانه:{فَأْتُوْا بِسُوْرَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوْا شَهَدَاءَكُمْ مِنْ دُوْنِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ} أنه ليس من عند الله. {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوْا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوْا النَّارَ الَّتِيْ وَقُوْدُهَا النَّاسُ والْحِجَارَةُ أُعِدِّتْ لِلْكَافِرِيْنَ} [البقرة: 23 ـ 24] وفي الكتاب والقرآن، وما جعل الله فيه من البيان، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وعلى آله: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلِيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلِيْنا بَيَانَهُ} [القيامة: 16 ـ 19]] ثم إن علينا بيانه, أليست هذه المسألة واضحة؟ لاحظ هذه من الأشياء التي يقول الباري: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}(الليل12) {إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} هي أشياء اختصاصات, هذا هو عَلَيَّ, الموضوع هذا هو عَلَيَّ.
طيب رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما يقولون هو مفسر, أو هو مبين! بالتأكيد هو مبين. أليس هذا الشيء ما فيه شك؟ لكن هات لي أحاديث تفسير, تفسير, يفسر لك آية, آية, لا يوجد, ما لقيوا شيء هم, قليل جداً, التفسير بالمأثور, ما هو البيان؟ البيان ما يقتصر فقط على مجرد أن يقول: هذه الآية تعني كذا, البيان في حركته في الحياة, هو قرآن يتحرك, حركته كلها هي ماذا؟ تجسيد للقرآن, لما يهدي إليه القرآن.
فالبيان يأتي عن طريق الكلام, وعن طريق الحركة, وعن طريق أشياء كثيرة جداً, عن طريق مواقف يتبناها على نحو معين, مواقف يتبناها على نحو معين هو عبارة عن بيان؛ ولهذا أن بيانه هو حركته في أداء الرسالة يدخل ضمنها إرشاداته, إرشاداته هل كان يأتي يقوم يفسر لك السورة من أولها إلى آخرها بالتفسير المعروف: {والليل إذا يغشى} إي الليل إذا غطى الأرض, {والنهار إذا تجلى} أي جعلناه هكذا..لم يكن يقول هكذا .. يتحدث بما تعنيه والليل مثلاً إلى آخرها, أليس هكذا؟ هل كان خطابه عبارة عن تفسير على النمط المعروف؟ يفسر لك آية آية, هو ينطق بالقرآن, يبين للأمة ماذا يريد القرآن, وكيف يريد القرآن أن تكون, أليس هو هكذا عمله؟.
إذاً فسنته هي حركته في الحياة, وأسلوبه الذي كان يسير عليه في الحياة, وبيانه للقرآن هو هذا. من الذي كتب هذا؟ الجانب الكبير من البيان جانب غير مكتوب, ليس مكتوباً, بل لا يمكن أن يكتب ويحلل بالتحليل الكامل, لا يمكن, لا احد يستطيع. مثل هذا ممكن يكتب أين؟ في ذهنية الإمام علي, يكتب في ذهنيته, الشخص الذي يمكن يقوم بدور كهذا هو الإمام علي..
ما هو يأتوا يقولوا سنته أبو هريرة الذي عنده ثلاثة آلاف حديث يقولون: هذا هو الذي علم بالسنة, السنة ليست هذه, والبيان ليس هذا؛ لأني أتحداك أن تأتي لي بتفسير من النبي بالمعنى الذي تريد, يفسر لك آية آية لكن وهو يخطب هو يبين القرآن, ماذا يعني يبين القرآن؟ يقدم ما يريد القرآن أن يفهمه الناس, هدى القرآن أن يقدمه للناس, حركته, مواقفه كلها تقوم على أساس توجيه القرآن الكريم.
في الأخير ترى مثلاً من خلال سلوك معين من سلوكه يتجلى مبدأ معين هو مركز عليه تركيز كبير, هو مما أرشد إليه القرآن, يتجلى للأمة, هو يهدف إلى كذا, مثلما يتحرك لمواجهة الروم دون أن يستعين بأي طرف آخر, أن يكون في كل حروبه يتحرك ضد المشركين, وضد الروم دون أن يستعين بأطراف أخرى.
إذاً هل هو إنسان نقول مثلاً أنه لم يكن عنده قدرة أنه يقيم علاقات مع دول أخرى, ويحاول يستعين بها؟ أو ماذا؟ أولم يكن يدري, أو كيف كان, لا, هذا إنسان يعتبر هذه قضية ضرورية لا بد منها: أن يبني أمة, أمة واثقة من نفسها, معتمده على نفسها, تكون بالشكل الذي يترسخ في ذهنيتها أن تعتمد على نفسها لتبني نفسها.
لو يفتح ثغره معها يشدها إلى آخرين معنى هذا يوجد عندها نقطة ضعف رهيبة, ما تبني نفسها, يبني علاقات واتفاقيات مع الآخرين, تعاون مشترك, دفاع مشترك, وتمد يدها للآخرين وتغفل نفسها..
لاحظ أليس هذا مبدأ هام جداً؟ مبدأ هام جداً أنه حتى لو كنا في حالة معاناة شديدة لن نستعين بأطراف أخرى على الإطلاق, يجب أن تتحرك نحن, نحن, كما عمل في تبوك, كما عمل في تبوك.
إذاً فهو وهو يتحرك على هذا الأساس, هو يبين, أليس هو يبين.. طيب هذا هو الجانب الذي لا يوجد فيه روايات, لا يوجد فيه روايات, لا يوجد فيه أحاديث: حدثني كذا أن رسول الله لم يعمل كذا؛ لأنه أراد كذا, كذا, كذا..الخ. لأن هذا الموضوع يريد تحليل, لا يوجد.. ممكن يروي لك أنه حشد الناس وكانوا ثلاثين الف, وساروا إلى تبوك, وتبوك تبعد عن المدينة وهي في تخوم الشام, وانتهى الموضوع. لكن لماذا كان هكذا في قيادته؟ لا يوجد فيها روايات.
طيب هذا هو الجانب المهم, والجانب الكبير, وهذا هو البيان, أين هو هذا؟ عند الإمام علي, الإمام علي هو الذي سيعرف, وهو مؤهل من جانب الله سبحانه وتعالى, ومؤهل لتربية رسول الله له, سيعرف حركة رسوله, فهو من سيعرف سنة رسول الله, وأن السنة ليست موضوع روايات, وهو يعرف كيف كان يبين رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) القرآن, وما هو بيانه للقرآن, وما القضية قضية تفسير, يأتي يفسر له كذا..
قلنا أنه عندما حاولوا أن يقولوا هكذا: الأولوية هي للتفسير بالمأثور, تفسير النبي, جاءوا بأحاديث, مجموعة بسيطة جداً, ما عاد لقيوا شيء, رجعوا لتفسير أولئك الناس, صحابة, وتابعين, وأصحاب تفاسير… رجعوا دوروا من عند بني إسرائيل!. فسنة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هي طريقته في ماذا؟ في حركته الرسالية.
[فما على الله تبارك وتعالى بيانه، فلن تضل عنه أبداً حجته ولا برهانه.] أي فالحجة عليه قائمة, والبرهان قائم, {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}(القيامة19) أين هي الشروح حق القرآن؟ لمن يفهم القضية بهذا الشكل, مسألة شروح, وروايات, وأشياء من هذه, أين هي شروح القرآن التي أرفقها الله بالقرآن؟ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} الم يكن بالإمكان أن يرفق به{بيانه} فيعمل مجلدين آخرين؟ شرح بيان القرآن.
هو سيبينه وعليه بيانه, وبطريقته, عليه بيانه هو, بيانه مرتبط بالحياة, وبيانه مرتبط بمن يكمله, بمن يختصه كما يقول الإمام القاسم في أكثر من مقام يختصه ببيانه. وبيانه أيضاً سواء على يد رسول الله, أو يد الإمام علي, أو أي شخص آخر لن يكون أبداً بطريقة تفسيرية, مثل: الزمخشري, أو الطبري, أو أي واحد ثاني, لن يكون بالطريقة هذه.هذا بيان محدود, هو يتعامل مع اللغة أساساً, أساساً هو يتعامل مع اللغة, النص ومعناه في اللغة, أليس هو يأتي يستعين بقواميس؟ لكن بيانه كهدى, بيانه مرتبط بحركة في الحياة, مرتبط باختصاص إلهي. {علينا بيانه} مثلما قال: {إنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} {وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيْلِ} يقول: هذه هي عَلَيَّ, لا تشغلوا أنفسكم أنتم بها, تنطلقون أنتم تتناولونها ستتيهون, وتضيعون.
عندما انطلق الناس هم كل واحد يريد هو يبين لنفسه هو, ما أحد بحاجة أحد, ولا شيء, ينطلق هو هو, تمزقوا, وتفرقوا, وطلَّعوا غرائب, وطلعوا ضلال رهيب, انعكس علينا. ألم ينعكس علينا؟ أصبحنا أمة قد النسبة إليها سُبَّة في العالم, عربي يعني مثلما قال أحمد مطر:
قال الصبي للحمار يا غبي
قال الحمار للصبي يا عربي!!.
[وفي تعجب ما استمعت الجن به، وما سمعوا عند استماعهم له من عجبه، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وعلى آله: {قُلْ أُوْحِي إِلِيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} [الجن:1]، فجعله تبارك وتعالى لهم عجباً معجباً.] {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}[الجن:2] رسالة نوعية {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا}[الأحقاف:29] أنصتوا. وهناك قال: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ}(الأعراف204) تفهموا, تأملوا إصغاء, إعطاء أهمية له: {فلما قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ}.
لاحظ القفزة هذه: تفهموا, اهتَدَوا, بل أصبحوا مؤمنين. هناك قالوا: {وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً}(الجن2) ألم يقتنعوا؟ وقطعوا عهداً بأنه {لَن نُّشْرِكَ} يعني اكتشفوا بطلان الشرك, وسوء الشرك هذا. يعني لاحظ كيف لما كانوا على هذا, نحن نسمع القرآن, نسمعه ما أحد يقول مع نفسه:{ولن} هل معنا لن؟ لا توجد لن, أبقى هكذا [مبهطل], لن أبقى فاتر, لن أبقى غير مهتم, لا يوجد عندنا {لن} نهائياً.
هؤلاء الجن عندما حضروا القرآن واستمعوه ماذا قالوا بعد هذه؟ {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً}(الجن2).
….
كيف يستمع الناس له؟ كيف يكونون هم في استماعهم له, وتفهمهم له؟ قدم لك نموذجاً: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ} قدم نموذجاً, ثم كيف تحركوا, إنه كتاب حركة. {فلما قُضي} ما قالوا: [أمانة باهر, أحسن الله إليك, جزاك الله خير] وفقط, هم قالوا كذا؟ {ولَّوْا} رجعوا {إلى قومهم منذرين} وعندما أنذروا قدم نموذج راقي لهم: {قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً}لاحظ كيف نقلوا, ألم ينقلوا؟ {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}(الأحقاف31).
{أجيبوا داعي الله} ألم يركزوا على مسألة الشد إلى الله؟ لم يقولوا: نحن, ونحن, ونحن. لا توجد هذه, لا يوجد هذا النموذج, تخلي واحد يربط عندك, هذا خطأ, وهذه لا تحصل على الإطلاق عند من يسيرون على هدي الله, ليست حاصلة هذه عندهم، وكلما ترجع لهم يمشيك مَطْلَعْ, كلهم عبارة عن مرور, كلهم مَطْلَعْ, مَطْلَعْ. لا يوقفك عنده إلا من؟ إلا أولياء الشيطان, يربطك عنده وفقط, ويريد هو, هو, ويوقف الناس عند شخصيته هو! هؤلاء فقط هم أولياء الشيطان, أما أولياء الله فيمشوا الناس مطلع كلها, كلهم رجال مرور, مطلع إلى الله.
عندما قال مؤمن آل فرعون: {اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ}(غافر38) أين سيهديهم؟ إلى موسى, وموسى يهديهم إلى الله. لكن الآخرين يقول إلى عنده هو! تتولاه هو, يجب عليك طاعته هو هو وفقط إلى عنده!..
طيب أنت ثم أين من بعده؟ خلاص إلى هنا وفقط, إلى عند رئيس الدولة وفقط, إلى عند الملك وفقط, إلى عند [زعطان] وفقط، هؤلاء ليسوا بالشكل هذا على الإطلاق، وإلا ولو تقول له هو عنده فما عاد فيه وكذاك شيء, أو هو تقول له: امش معي, أي امش معي نمشي أحنا واياك كذاك مطلع إلى الله… لا توجد هذه!. امش بعدي, معي بعدي، إلى عندي, تطعني، تقول لي ناهي، أنا, أنا إلى عندي فقط, هذه لا توجد إلا عند أولياء الشيطان.
تجد أن المسألة العجيبة في هذه أنه حتى الله سبحانه وتعالى, أليس الناس كلهم يشدون إلى الله؟ الله ما بيربط عنده هو, في الأخير يرد على الناس هم, فيفيض عليهم من كرمه, من جوده, من عزته إلى الناس.. هي حركة دائرية.
يرتبط الناس بالله, الله يفيض عليهم من عزته, من كرمه, من مجده, من رفعته, من علمه, من حلمه, من حكمته, كلها يفيض عليهم منها.. تجد الآخرين يجعلون لأنفسهم مقام لا يفترضه الله لنفسه هذا المقام؛ لأنه ليس مقام حق على الإطلاق, يكفيك شرف أنك تدين بالطاعة له هو, هو, فقط ..
عندما يكون مثلاً الإعلام يشدك إلى شخص معين, مثلما عليه الآن في الدنيا هذه كلها, وخاصة في البلاد العربية. أليس إعلام كل دولة يشدك إلى زعيمها؟! وكفاك شرف أنه زعيمك وبس, هل هو يفيض شيء؟ هل عنده الفكرة هذه, هذا الشيء الذي الله سبحانه وتعالى يعمله هو, أي أن الله ما بيقف أي أنه خلاص هو يرتاح إذا قد الناس يمجدوه, ويسبحوه.
هو عندما يمجدوه ويسبحوه يفيض عليهم، فيكون ما يقدمه لهم أكثر بكثير, بكثير مما يمكن {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}(إبراهيم7) ألم يقل هكذا؟ وهذا يقول لك: [هنيئاً لشعب أنت قائده] وبس, وإلى عنده وبس!. طيب ماذا ستفيض علي؟ تخلق بأخلاق الله, ماذا ستفيض علينا من عندك؟ من كرم أخلاقك, من هدايتك, من عنايتك, من رعايتك, من.. لا يوجد شيء, معه شيء؟ لا.
هذه قضية هامة تفهم في موضوع سنة الله وهو يقول لك: اتبعوه, اتبعوه, أليس هكذا؟ لاحظ كيف تنتهي. والآخرين عندما يقول لك: اتبعوه, اتبعوه, كيف يقول؟ بالحدية هذه, نقول: خلاص, اتبعناك, لكن نحن نعرف أن الله عندما يطيعوه, ويتبعوه, ويشكروه, ويمجدوه, ويسبحوه, أنه يفيض عليهم من حلمه, علمه, مجده, كرمه, عزته, رفعته…الخ. أنت ماذا لديك من شيء؟ لا شيء. بيكون صفر بعضهم, ماذا يفيض عليك؟. {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} هذه آيات هامة جداً.
[وأيّ عجب أعظم، أو حكمةٍ أحكم، أو كتاب أعلى وأعزّ، وأحفظ من كل ضلالٍ وأحرز، لمن كان من أهله، أو مُنَّ عليه بتقبله، عند من يفهم أو يعقل، أو يفرق بين الأمور فيفصل، من حكمة الله في تنزيله ووحيه، وما جعل فيه من ضلال عدوه وهدى وَلِيِّه، وهو أمر من أمور الله واحد، يضل به الضال ويرشد عنه الراشد، فهو ضلالٌ لمن ضل عنه، وهدى ورشدٌ لمن قبل منه، ونجاةٌ لمن اتقى ورحمة وبركة، وخزي على من تعدى ونقمة وهلكة،]
عندما يقول [وهو أمر من أمور الله واحد، يضل به الضال ويرشد عنه الراشد، فهو] نفس هذا الأمر في القرآن, هو نفسه ضلال, وهو نفسه هدى, هو ضلال لمن ضل عنه, وهدي ورشد لمن قبل منه, ونجاة لمن اتقى, ورحمة وبركات, وخزي على من تعدى, ونقمة, وهلكة [كما قال سبحانه: {ألم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيْهِ هُدًى لِلْمُتَّقِيْنَ، الَّذِيْنَ يُؤْمِنُوْنَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيْمُوْنَ الْصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُوْنَ} [البقرة: 1 – 3]. هنا يقول للمتقين باعتبار المتقين هم من يقبلون, هم من سيقبلون هداه.
[وفي بركة كتاب الله وما أمر به من تدبره، وما وهب لأولي الألباب من الذكر به، ما يقول سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوْا آيَاتِهِ وَليَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألباب} [ص: 29].اللبُّ هنا: هو العمق, ما معناه حاجة معينة اسمها لُبّ, أو تقول مثلاً: هو جهاز معين اسمه عقل هو كذا.. عمق الإنسان, عمق نفسيته, لبه؛ لأن التذكير بالنسبة لك ألست تتذكر الشيء داخلي؟ لا أحد يتصور أن التدبر, أو التذكر, قضية خارجية. ألست تعتبرها قضية في عمقك, ليست قضية سطحيه, فلب الشيء هو ماذا؟ خلاصته وعمقه.
[فنحمد الله رب الأرباب، على ما وهب من الهدى بما نزَّل من الكتاب،] نحن نقول: أن القضية هامة بالنسبة لرؤية الإمام القاسم, ورؤية أهل البيت, أن القضية هي تفضل من الله, ونعمة من الله, مسألة إنزال كتاب, مسألة التشريع, مسألة الهدى, ليست قضية تكليف, أحمال, أعباء, أشياء من هذه, مثلما ما قُدم على أيدي المعتزلة.
[فنحمد الله رب الأرباب، على ما وهب من الهدى بما نزَّل من الكتاب، ونسأله أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هداها،] لاحظ الإمام القاسم لماذا لم يعد يجد إحراجا عندما يتحدث بعبارات كهذه, مضى له في مديح القرآن الصغير عبارات من هذه: [ونسأله أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هداها، وأن يمتعنا فيه بما وهب لنا من هداها، وأن يجعلنا له إذا قُرئ من المستمعين بالإنصات، وأن ينفعنا بما نزل فيه من الآيات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عليه توكلنا وهو رب العرش الكريم. تم المديح الكبير، بمنِّ الله العالم القدير.
وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وعلى آله الطيبين، وسلم تسليماً كثيراً.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
2016-11-14السيد حسين بدرالدين الحوثي ( رضوان الله عليه )
شبكة المسيرة الإعلامية، شبكة يمنية متنوعة تسعى لنشر الوعي وقيم الحق والعدالة بين مختلف شرائح المجتمعات العربية والإسلامية من منطلق الثقافة القرآنية، وتعطي الأولوية للقضية الفلسطينية، وتعمل على نصرة قضايا المستضعفين، ومواجهة تزييف وسائل إعلام قوى الاستكبار وكشف مؤامرتها بمصداقية ومهنية وبطرق إبداعية.
copyright by Almasirah 2023 ©